أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيْرَانٍ بِذِيْ سَلَمِ ۞ مَزَجْتَ دَمْعًا جَرَى
مِنْ مُّقْلَةٍ بِدَمِ
أَمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمةٍ ۞ وأوْمَضَ البَرْقُ
في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ۞ ومَا لِقَلْبِك إنْ
قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ ۞ ما بَيْنَ مُنْسَجِم
منهُ ومضطَرِمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ ۞ ولا أرقتَ لذكرِ البانِ
والعَلم
فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ ۞ بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ
والسَّقَم
وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْرَةٍ وضَنًى ۞ مِثْلَ البَهارِ عَلَى
خَدَّيْكَ والعَنَمِ
نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني ۞ والحُبُّ يَعْتَرِضُ
اللَّذاتِ بالأَلَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً ۞ منِّي إليكَ ولو أنصفتَ
لم تلُمِ
عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍ ۞ عن الوُشاةِ ولادائي
بمنحسمِ
مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ ۞ إنَّ المُحِبَّ عَن
العُذَّالِ في صَمَمِ
إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ في عذلٍ ۞ والشَّيْبُ أَبْعَدُ
في نُصْحٍ عَنِ التُّهَم
فإنَّ أمَّارَتي بالسوءِ مااتعظتْ ۞ من جهلها بنذيرِ الشيبِ
والهرمِ
ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى ۞ ضيفٍ المَّ برأسي غير
محتشمِ
لو كنتُ أَعْلَمُ أنِّي ما أوَقِّرُهُ ۞ كتمتُ سِراً بدا لي
منهُ بالكتمِ
من لي بِرَدِّ جماٍ من غوايتها ۞ كما يُرَدُّ جماحُ
الخيلِ باللجمِ
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها ۞ إنَّ الطعامَ يُقَوِّي
شهوة َ النهمِ
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على ۞ حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ
تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ ۞ إنَّ الهوى ما تولَّى
يُصمِ أوْ يَصمِ
وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمةٌ ۞ وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ
المَرْعَى فلا تُسِم
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً لِلْمَرءِ قاتِلَةً ۞ من حيثُ لم يدرِ أنَّ
السُّمَّ في الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع ۞ فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ
شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ
واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ ۞ مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ
حِمْيَةَ النَّدَمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما ۞ وإنْ هُما مَحَّضاكَ
النُّصحَ فاتهم
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً ۞ فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ
الخَصْمِ والحَكمِ
أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ ۞ لقد نسبتُ به نسلاً
لذي عقمِ
أمرتكَ الخيرَ لكنْ ماائتمرتُ بهِ ۞ وما استقمتُ فماقولي
لك استقمِ
ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلةً ۞ ولَمْ أُصَلِّ سِوَى
فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ
ظلمتُ سُنَّةَ منْ أحيا الظلامَ إلى ۞ أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ
الضُّرَّ مِنْ وَرَم
وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى ۞ تحتَ الحجارةِ كشحاً
مترفَ الأدمِ
وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍ ۞ عن نفسهِ فأراها أيما
شممِ
وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُ ۞ إنَّ الضرورةَ لاتعدو
على العصمِ
وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَةُ مَنْ ۞ لولاهُ لم تخرجِ الدنيا
من العدمِ
محمدٌسيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْـ ۞ ىنِ والفريقينِ من
عُربٍ ومن عجمِ
نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ ۞ أبَرَّ في قَوْلِ
"لا" مِنْهُ وَلا "نَعَمِ"
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفاعَتُهُ ۞ لكل هول من
الاهوال مقتحم
دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ ۞ مستمسكونَ بحبلٍ غيرِ
منفصمِ
فاقَ النبيينَ في خلْقٍ وفي خُلُقٍ ۞ ولمْ يدانوهُ في علمٍ
ولا كَرَمِ
وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ ۞ غَرْفاً مِنَ البَحْرِ
أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ
وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِ ۞ من نقطة العلمِ أومنْ
شكلة الحكمِ
فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه ۞ ثمَّ اصطفاهُ حبيباً
بارىء النَّسمِ
مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ ۞ فَجَوْهَرُ الحُسْنِ
فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ
دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ ۞ وَاحكُمْ بما شِئْتَ
مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ
وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ ۞ وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ
ما شِئْتَ منْ عِظَمِ
فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ ۞ حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه
ناطِقٌ بفَمِ
لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماً ۞ أحيا اسمهُ حينَ يُدعى
دارسَ الرِّممِ
لم يمتحنا بما تعيا العقول به ۞ حرصاً علينا فلم نرتبْ
ولم نهمِ
أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرى ۞ في القُرْبِ والبعدِ
فيهِ غير منفحِمِ
كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍ ۞ صَغِيرَةً وَتُكِلُّ
الطَّرْفَ مِنْ أممٍ
وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ ۞ قومٌ نيامٌ تسلَّوا
عنهُ بالحُلُمِ
فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ ۞ وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ
كلهمِ
وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها ۞ فإنما اتَّصلتْ من
نورهِ بهمِ
فإنهُ شمسٌ فضلٍ همْ كواكبها ۞ يُظْهِرْنَ أَنْوارَها
للناسِ في الظُلَم
أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ ۞ بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ
بالبِشْرِ مُتَّسِمِ
كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍ ۞ والبَحْر في كَرَمٍ
والدهْرِ في هِمَمِ
كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِ ۞ في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ
وفي حَشَمِ
كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِ ۞ من معدني منطقٍ منهُ
ومبتسمِ
لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُ ۞ طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ
منهُ ومُلْتَئِم
أبان مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِ ۞ يا طِيبَ مُبْتَدَإٍ
منه ومُخْتَتَمِ
يومٌ تفرَّسَ فيهِ الفرسُ أنهمُ ۞ قد أنذروا بحلولِ البؤسِ
والنقمِ
وباتَ إيوانُ كسرى وهو منصدعٌ ۞ كشملِ أصحابِ كسرى
غيرَ ملتئمِ
والنَّارُ خامِدَةُ الأنفاس مِنْ أَسَفٍ ۞ عليه والنَّهرُ ساهي
العين من سدمِ
وساء سلوةَ أن غاضتْ بحيرتها ۞ ورُدَّ واردها بالغيظِ
حين ظمى َ
كأنَّ بالنارِ مابالماء من بللٍ ۞ حُزْناً وبالماءِ ما
بالنَّارِ من ضرمِ
والجنُّ تهتفُ والأنوار ساطعةٌ ۞ والحَقُّ يَظْهَرُ
مِنْ مَعْنىً ومِنْ كَلِم
عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لمْ ۞ تُسْمَعْ وَبارِقَةُ
الإِنْذارِ لَمْ تُشَم
مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ ۞ بأَنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ
لَمْ يَقُمِ
وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُبٍ ۞ منقضةٍ وفقَ مافي الأرضِ
من صنمِ
حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌ ۞ من الشياطينِ يقفو
إثرَ منهزمِ
كأَنُهُمْ هَرَباً أبطالُ أَبْرَهَةٍ ۞ أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى
مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذاً بهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهما ۞ نَبْذَ المُسَبِّحِ
مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَةً ۞ تَمْشِي إليهِ عَلَى
ساقٍ بِلا قَدَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ ۞ فروعها من بديعِ الخطِّ
في اللقمِ
مثلَ الغمامةِ أنى سارَ سائرة ٌ ۞ تقيهِ حرَّ وطيسٍ للهجيرِ
حمي
أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُ ۞ مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَةً
مَبْرُورَةَ القَسَمِ
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَرَم ۞ وكلُّ طرفٍ من الكفارِ
عنه عمي
فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما ۞ وَهُمْ يقولونَ ما
بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على ۞ خيْرِ البَرِيَّةِ
لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وقايةُ اللهِ أغنتْ عن مضاعفةٍ ۞ من الدروعِ وعن عالٍ
من الأطمِ
ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُبهِ ۞ إلاَّ ونلتُ جواراً
منهُ لم يضمِ
ولا الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِنْ يَدِهِ ۞ إلاَّ استلمتُ الندى
من خيرِ مُستلمِ
لاتنكرُ الوحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ ۞ قَلْباً إذا نامَتِ
العَيْنانِ لَمْ يَنمِ
وذاكَ حينَ بُلوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ ۞ فليسَ يُنْكَرُ فيهِ
حالُ مُحْتَلِمِ
تَبَارَكَ الله ما وحْيٌ بمُكْتَسَبٍ ۞ وَلا نَبِيٌّ عَلَى
غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبا باللَّمْسِ راحَتهُ ۞ وأَطْلَقَتْ أرِباً
مِنْ رِبْقَةِ اللَّمَمِ
وأحْيَتِ السنَةَ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُ ۞ حتى حَكَتْ غُرَّةً
في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطاحَ بها ۞ سيبٌ من اليَمِّ أو
سيلٌ من العرمِ
دعني ووصفي آياتٍ له ظهرتْ ۞ ظهورَ نارِ القرى ليلاً
على علمِ
فالدرُّ يزدادُ حُسناً وهو منتظمٌ ۞ وليسَ ينقصُ قدراً
غير منتظمِ
فما تَطاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى ۞ ما فيهِ مِنْ كَرَمِ
الأَخْلاَقِ والشِّيَمِ
آياتُ حقٍّ من الرحمنِ محدثةٌ ۞ قَدِيمَةٌ صِفَةُ المَوْصوفِ
بالقِدَم
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تخبرنا ۞ عَن المعادِ وعَنْ
عادٍ وعَنْ إرَمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَةٍ ۞ مِنَ النَّبِيِّينَ
إذْ جاءتْ ولَمْ تَدُمِ
مُحَكَّماتٌ فما تبقينَ من شبهٍ ۞ لذي شقاقٍ وما تبغينَ
من حكمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَرَبٍ ۞ أَعْدَى الأعادي إليها
مُلقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بلاغَتُها دَعْوى مُعارِضِها ۞ ردَّ الغيور يدَ الجاني عن الحُرمِ
لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْر في مَدَدٍ ۞ وفَوْقَ جَوْهَرِهِ
فِي الحُسْنِ والقِيَمِ
فما تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَجَائبُها ۞ ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ
بالسَّأَمِ
قرَّتْ بها عينُ قاريها فقلت له ۞ لقد ظفِرتَ بِحَبْلِ
الله فاعْتَصِمِ
إنْ تَتْلُها خِيفَةً مِنْ حَرِّ نارِ لَظَى ۞ أطْفَأْتَ نارَ لَظَى
مِنْ وِرْدِها الشَّجمِ
كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجوه به ۞ مِنَ العُصاةِ وقد
جاءُوهُ كَالحُمَمِ
وَكالصِّراطِ وكالمِيزانِ مَعدِلَةً ۞ فالقِسْطُ مِنْ غَيرها
في الناس لَمْ يَقُمِ
لا تعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُها ۞ تَجاهُلاً وهْوَ عَينُ
الحاذِقِ الفَهِمِ
قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ ۞ ويُنْكِرُ الفَمُّ
طَعْمَ الماء منْ سَقَم
ياخيرَ من يَمَّمَ لعافونَ ساحتَهُ ۞ سَعْياً وفَوْقَ مُتُونِ
الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
وَمَنْ هُو الآيَةُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ ۞ وَمَنْ هُوَ النِّعْمَةُ
العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ
سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ ۞ كما سرى البدرُ في
داجٍ من الظلمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً ۞ من قابِ قوسينِ لم
تدركْ ولم ترمِ
وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها ۞ والرُّسْلِ تَقْدِيمَ
مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم
وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ ۞ في مَوْكِبٍ كنْتَ
فيهِ صاحِبَ العَلَمِ
حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْواً لمُسْتَبِقٍ ۞ من الدنوِّ ولا مرقيً
لمستنمِ
خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذ ۞ نُودِيتَ بالرَّفْعِ
مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَم
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مستترٍ ۞ عن العيونِ وسرٍّ أيِ
مُكتتمِ
فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشْتَرَكٍ ۞ وجُزْتَ كلَّ مَقامٍ
غيرَ مُزْدَحَمِ
وَجَلَّ مِقْدارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ ۞ وعزَّ إدْراكُ ما أُولِيتَ
مِنْ نِعَمِ
بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسلامِ إنَّ لنا ۞ من العنايةِ رُكناً
غيرَمنهدمِ
لمَّادعا الله داعينا لطاعتهِ ۞ بأكرمِ الرُّسلِ كنَّا
أكرمَ الأممِ
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتهِ ۞ كَنَبْأَةٍ أَجْفَلَتْ
غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ
ما زالَ يلقاهمُ في كلِّ معتركٍ ۞ حتى حَكَوْا بالقَنا
لَحْماً على وضَم
ودوا الفرار فكادوا يغبطونَ بهِ ۞ أشلاءَ شالتْ مع العقبانِ
والرَّخمِ
تمضي الليالي ولا يدرونَ عدتها ۞ ما لَمْ تَكُنْ مِنْ
ليالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ ۞ بِكلِّ قَرْمٍ إلَى
لحْمِ العِدا قَرِم
يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَةٍ ۞ يرمي بموجٍ من الأبطالِ
ملتطمِ
من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍ ۞ يَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ
لِلْكُفْرِ مُصطَلِم
حتَّى غَدَتْ مِلَّةُ الإسلام وهْيَ بِهِمْ ۞ مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها
مَوْصُولَةَ الرَّحِم
مكفولةً أبداً منهم بخيرٍ أبٍ ۞ وخير بعلٍ فلم تيتم
ولم تئمِ
هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْ ۞ ماذا رأى مِنْهُمُ
في كلِّ مُصطَدَم
وسل حُنيناً وسل بدراً وسلْ أُحُداً ۞ فُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ
أدْهَى مِنَ الوَخَم
المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردت ۞ من العدا كلَّ مُسْوَّدٍ
من اللممِ
وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْ ۞ أقلامهمْ حرفَ جسمٍ
غبرَ منعجمِ
شاكي السِّلاحِ لهم سيمى تميزهمْ ۞ والوردُ يمتازُ بالسيمى
عن السلمِ
تُهدى إليكَ رياحُ النصرِ نشرهمُ ۞ فتحسبُ الزَّهرَ في
الأكمامِ كلَّ كمي
كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُبًا ۞ مِنْ شِدَّةِ الحَزْمِ
لاَ مِنْ شِدَّةِ الحُزُم
طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقًا ۞ فما تُفَرِّقُ بين
البهمش والبُهمِ
ومن تكنْ برسول الله ونصرتُه ۞ إن تلقهُ الأُسدُ في
آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍّ غير منتصرِ ۞ بهِ ولا مِنْ عَدُوّ
غَيْرَ مُنْعَجِمِ
أحلَّ أمَّتَهُ في حرزِ ملَّتهِ ۞ كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ
الأشبال في أجَم
كمْ جدَّلَتْ كلماتُ اللهِ من جدلٍ ۞ فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ
مِنْ خَصِمِ
كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَةً ۞ في الجاهليةِ والتأديبِ
في اليتمِ
خَدَمْتُهُ بِمَديحٍ أسْتَقِيلُ بِهِ ۞ ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى
في الشِّعْرِ والخِدَم
إذ قلداني ما تُخشى عواقبهُ ۞ كَأنَّني بهما هَدْيٌ
مِنَ النَّعَم
أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَا ۞ حصلتُ إلاَّ على الآثامِ
والندمِ
فياخسارةَ نفسٍ في تجارتها ۞ لم تشترِ الدِّينَ
بالدنيا ولم تَسُمِ
وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِ ۞ يَبِنْ لهُ الغَبْنُ
في بَيْعِ وَفي سَلَمِ
إن آتِ ذنباً فما عهدي بمنتقضٍ ۞ من النبي ولا حبلي
بمنصرم
فإنَّ لي ذمةً منهُ بتسميتي ۞ مُحمداً وَهُوَ الخَلْيقِ
بالذِّمَمِ
إنْ لَمْ يَكُن في مَعادِي آخِذاً بِيَدِي ۞ فضلاً وإلا فقلْ يازَلَّةَ
القدمِ
حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجي مكارمهُ ۞ أو يرجعَ الجارُ منهُ
غيرَ محترمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحهُ ۞ وَجَدْتُهُ لِخَلاصِي
خيرَ مُلْتَزِم
وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْهُ يداً تَرِبَتْ ۞ إنَّ الحَيا يُنْبِتُ
الأزهارَ في الأكَمِ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَةَ الدُّنْيا التي اقتطَفَتْ ۞ يدا زُهيرٍ بما أثنى
على هرمِ
يا أكرَمَ الرُّسْلِ مالي مَنْ أَلُوذُ به ۞ سِوَاكَ عندَ حلولِ
الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُكَ بي ۞ إذا الكريمُ تَحَلَّى
باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَ ضَرَّتها ۞ ومن علومكَ علمَ اللوحِ
والقلمِ
يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّةٍ عَظُمَتْ ۞ إنَّ الكَبائرَ في
الغُفرانِ كاللَّمَمِ
لعلَّ رحمةَ ربي حين يقسمها ۞ تأتي على حسب العصيانِ
في القسمِ
ياربِّ واجعل رجائي غير منعكسٍ ۞ لَدَيْكَ وَاجعَلْ
حِسابِي غَيرَ مُنْخَزِمِ
والطفْ بعبدكَ في الدارينِإنَّ لهُ ۞ صبراً متى تدعهُ الأهوالُ
ينهزمِ
وائذنْ لِسُحْبِ صلاةٍ منكَ دائمةٍ ۞ على النبيِّ بمنهلٍّ
ومنسجمِ
ما رنحت عذابات البان ريح صبا ۞ واطرب العيس حادي
العيس بالنغم
ثم الرضا عن ابي بكر وعن عمر ۞ وعن عليٍّ وعن
عثمان ذي الكرم
والال والصحب ثم التابعين فهم ۞ اهل التقى والنقى
والحلم والكرم
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا ۞ واغفر لنا ما مضى
يا واسع الكرم
واغفر الهي لكل المسلمين بما ۞ يتلوه في المسجد
الاقصى وفي الحرم
بجاه من بيته في طيبة حرم ۞ واسمه قسم من اعظم
القسم
وهذه بردة المختار قد ختمت ۞ فالحمد لله في بدء
وفي ختم
ابياتها قد اتت ستين مع مائة ۞ فرج بها كربنا يا
واسع الكرم
No comments:
Post a Comment